تعريف
الفشل الدراسي
التعثر
الدراسي حالة مؤقتة تكاد تكون عادية تصيب معظم الطلاب، كما ينبغي التمييز بين الفشل
و التعثر الدراسي ( أو ما يسمى بصعوبات التعلم خاصة النوع البسيط منها)، وهناك ستة
عناصر أساسية في تعريف الفشل الدراسي :
أولا
- من المعلوم أن السنوات الدراسية في جميع مراحل التعليم ، إما أن تنتهي بامتحان تقويمي
نهائي ، أو تقسم السنة الواحدة إلى عدة فصول ( والفصل الواحد إلى اختبارات جزئية -
فترية) ، ينتهي كل واحد منها بامتحان دوري ( فصلي) ، و عادة ما يتم اللجوء إلى الأسلوبين
معا لتقويم الطلاب ، كما هو الحال في العديد من الأنظمة التعليمية. كما تختم في العادة
أسلاك التعليم بامتحانات عامة و مقننة ( الاختبارات الموحدة ) لجميع الطلاب في المملكة ، مثل الاختبار الموحد الذي يتوج
مرحلة التعليم الثانوية العامة ( التوجيهي)
ثانيا
- الرسوب و يعني الإخفاق في اجتياز امتحان من الامتحانات و عدم التفوق فيها . و الرسوب
لغويا هو السقوط و الانحطاط إلى أسفل ، فعندما نقول رسب الطالب في الامتحان ، يعني
ذلك أنه سقط إلى أسفل الدرجات ( العلامات ) المستعملة للضبط في جميع الامتحانات . على
أن الرسوب قد يكون جزئيا أو كليا ، فإما أن يرسب الطالب في مادة دراسية أو أكثر أو
في امتحان جزئي ، دون أن يؤثر ذلك في معدله العام و الذي يحكم بواسطته عادة ، على ما
إذا كان الطالب قد نجح أم لا . أو أن يرسب في أغلب المواد ( المقررات) و في أغلب الامتحانات
الجزئية و بالتالي لا يبلغ مجموع درجاته المعدل العام و في هذه الحالة يكون الرسوب
كليا .
و الرسوب
ينطلق مما يسمى بنظرية " المستوى الواحد للصف "، و تعني هذه النظرية السائدة
أن لكل صف مستوى معين للتحصيل و كذا مقاييس خاصة ، وفقا لبرامج مقررة ، على المدرسين
احترامها ، تناسب نظريا على الأقل ، عمر التلاميذ و قدراتهم بصفة عامة وتلائم نوعية
التعليم و أهدافه . كما تعني هذه النظرية أن المستويات تنتقل تدريجيا و بكيفية تصاعدية
عبر الصفوف ، أي ما يعرف بالطابع الفصولي -التتابعي للتعليم. و معنى أن ينجح الطالب،
هو أن يكون قد حصل على مستوى الصف الذي يوجد فيه ، و يكون بالتالي قادرا على إتباع
مستوى الصف الموالي . و العكس معناه الرسوب ، أي أن الطالب لم يحصل على القدر المرغوب
فيه و بالتالي لا يستطيع مسايرة زملائه في الصف الموالي .
ثالثا
- يكون من نتائج الرسوب التكرار ، أي إعادة نفس الصف من طرف الطالب لتحصيل نفس المستوى
الذي حاول تحصيله بالفعل في السنة المنصرمة ، فيتخلف بالتالي هذا الطالب دراسيا عن
زملائه من الناجحين ، كما يتخلف عن المستوى التحصيلي الذي كان سيستفيد منه لولا رسوبه
أولا و تكراره كنتيجة لذلك . و هكذا نرى مدى الارتباط الوثيق بين الرسوب و التخلف الدراسي
، و نحن نستعملهما هنا في نفس المعنى كما نستعملهما للدلالة على مفهوم آخر و هو الفشل
الدراسي .
رابعا
- إن الرسوب قد ترافقه مشاعر نفسية و كذا مواقف اجتماعية سلبية ، و في هذه الحالة نستعمل
كلمة فشل للتعبير عنه . إن مشاعر الحزن و القلق التي ترافق الطالب الراسب و في المقابل
مشاعر الفرح و الرضا التي تقترن عادة بالنجاح ، تجعل من الرسوب حالة نفسية ــ اجتماعية
خاصة ، هي حالة الفشل . ثم إن الرسوب كثيرا ما تستتبعه مواقف اجتماعية كالسخرية مثلا
، فيكون الرسوب عقابا معنويا قد يتبعه عقاب بدني، على "تهاون " الطالب و
خروجه عن قيمة اجتماعية ( أو معيار اجتماعي ) مهمة و هي النجاح و التفوق و واضح إذن
ما يترتب عن الرسوب الدراسي من آثار نفسية و اجتماعية سيئة .
و هكذا
نتأدى من مفهوم الرسوب إلى مفهوم آخر أكثر عمومية و هو مفهوم الفشل ، ذلك أن الفشل
قد يصيب الأفراد سواء داخل المدرسة أم خارجها . كما أن المدرسة قد تعاني هي بدورها
من الفشل . فكثيرا ما تفشل المدارس ذاتها في تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها . و
دون أن نخوض الآن في هذه الإشكالية ، أي فيما إذا كان الفشل فشل الطالب أم فشل المدرسة
، لا بد أن نذكر بالتداخل ، و ربما التطابق في بعض الأحيان ، بين المصطلحين : الفشل
و الرسوب . إن الفشل رسوب بعدما يتحول إلى حالة نفسية ــ اجتماعية .
خامسا-
كما ينبغي التمييز بين الفشل و التعثر الدراسي ( أو ما يسمى بصعوبات التعلم خاصة النوع
البسيط منها)، على أساس أن التعثر الدراسي حالة مؤقتة تكاد تكون عادية تصيب معظم التلاميذ
إن لم نقل كلهم ، و تعني أنه أثناء التحصيل يجد الطالب في مادة معينة و في موضوع ما
، صعوبة فهم و استيعاب ( مسألة أو فكرة أو معلومة) لسبب من الأسباب ، لكن و بمجهود
إضافي ذاتي أو بتدخل من المدرس أو في إطار حصص الدعم أو بفضل جلسات الاستذكار و المراجعة
في البيت ، يتدارك التلميذ المسألة و يواكب مجددا و يلحق بزملائه . لكن التعثر يمكن
أن يتحول إلى رسوب و فشل إذا تكرر و تعمم و استوطن و إذا لم يتم تدارك الأمر في الوقت
المناسب .
وللتذكير
فإن الوثائق الرسمية الصادرة عن وزارة التربية ، تستعمل للدلالة على مفهوم قريب من
مفهوم التعثر الدراسي ، وهو مصطلح صعوبات التعلم حيث تعرف فئة صعوبات التعلم
:" بأنها تختلف عن الفئات الأخرى كالتخلف العقلي وبطء التعلم و التأخر الدراسي
، فهي تضم أطفالا يتمتعون بذكاء عادي أو ربما عالي ولا يشتكون من أية إعاقات ومع هذا
يعانون من مشكلات تعلمية تجعلهم يعانون في التحصيل الدراسي ( يعانون من صعوبات واضحة
في اكتساب واستخدام مهارات الاستماع أو الكلام أو القراءة أو الكتابة أو التهجئة ،
أو أداء العمليات الحسابية الأساسية ...) ".
كما
تقسم تلك الوثائق فئة ذوي صعوبات التعلم إلى ثلاثة مستويات : البسيط والمتوسط والشديد.وتقترح
بخصوص الدعم التربوي ،أو ما تسميه بالبرنامج العلاجي أن يتم التعامل مع أفراد هذه الفئة
كل حسب مستوى الصعوبة لديهم .
سادسا-
العنصر السادس في تعريف الفشل الدراسي ، يكمن في ضرورة التمييز بين التخلف (الفشل)
الدراسي والتخلف العقلي . فإذا كنا لا نميز بين الفشل الدراسي والتخلف الدراسي ، على
أساس أن هذا الأخير هو نتيجة من نتائج الرسوب والفشل ، فإننا نميز بينه وبين التخلف
العقلي .ذلك أن التخلف الدراسي " هو تخلف أو انخفاض مستوى التحصيل لدى بعض التلاميذ
عن المستوى المتوقع في اختبارات التحصيل ، أو عن مستوى أقرانهم العاديين الذين هم في
مثل أعمارهم ومستوى فرقهم الدراسية" ؛ في حين أن التخلف العقلي هو حالة تأخر أو
توقف أو عدم اكتمال النمو العقلي ، يولد بها الفرد أو تحدث في سن مبكرة ، نتيجة لعوامل
وراثية أو مرضية أو بيئية ، تؤثر في الجهاز العصبي للفرد (خاصة الدماغ)، مما يؤدي إلى
نقص الذكاء ، وتتضح آثارها في ضعف مستوى أداء الفرد في المجالات التي ترتبط بالنضج
والتعليم والتوافق النفسي".
لذلك
فإذا كان كل متخلف عقليا متخلف دراسيا ، فإن كل متخلف دراسي ليس بالضرورة متخلفا عقليا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق