الجمعة، 28 مارس 2014

قراءة موجهه من كتاب تدريس العلوم تأصيل وتحديث



قراءة موجهه من كتاب
تدريس العلوم تأصيل وتحديث
تأليف
د:إبراهيم المحيسن
مقدمة:
تعتبر العلوم من أسعد التخصصات حظا من حيث تنوع وتعدد طرق تدريسها، فلم يحظ أي تخصص آخر بنفس الاهتمام الذي منح له. كما أن طبيعة العلوم المتجددة والمرتبطة بحياة الناس اليومية جعلت منه مجالا خصبا للإبداع في استحداث طرائق متعددة يصعب حصرها أو ترشيح أحدها لأن يكون الأفضل، ولذلك فمن نافلة القول أنه لايوجد طريقة تدريس محددة هي الأفضل بل إن الأمر يعتمد على طبيعة المنهج وطبيعة الموضوع وطبيعة المتعلمين.
 وتتراوح طرق تدريس العلوم من الطرق اللفظية إلى الطرق العملية إلى الطرق التي تستخدم التقنية الحديثة كتدريس العلوم باستخدام الحاسوب أو باسنخدام الإنترنت. ويستعرض الفصل الأساليب التقليدية الشائعة لتدريس العلوم وهي: الطرق اللفظية وتشمل: المحاضرة والمناقشة والقصة العلمية، وطرق العروض العلمية والطريقة العملية. بينما خصص الفصل اللاحق للحديث عن الاتجاهات الحديثة في تدريس العلوم، كما خصص الفصل الأخير للتفصيل في دور الحاسوب في تدريس العلوم.

الطرق اللفظية لتدريس العلوم
اللفظ وسيلة هامة للاتصال وهو من أهم ما يميز البشر عن بقية المخلوقات الأخرى. وطرق التدريس اللفظية هي من أهم طرق التدريس وأشهرها قاطبة، وهي الأكثر استخداما في تدريس العلوم، وبالرغم من المآخذ على الأساليب اللفظية، إلا أن اللفظ يظل الوسيلة الأهم للاتصال بين بني البشر. وسوف نستعرض ثلاثة نماذج من طرق تدريس العلوم اللفظية، وبالرغم من استخدامها في تخصصات أخرى إلا أننا سنقدمها بشيء من الخصوصية للعلوم فيما يختص بالأمثلة والنماذج، وهذه الطرق هي: المحاضرة والمناقشة والقصة العلمية. 
أولاً- المحاضرة
وهى قيام المعلم بإلقاء المادة العلمية كاملة على المتعلمين، وفى هذه الحالة تتمحور عملية الندريس حول المعلم ليصبح محورا لها، ويكون دور المعلم الملقي بينما يكون دور المتعلم المتلقي أو المستقبل للتعلم ويكون هناك اتصال ضعيف بين المعلم والمتعلم، ويعتمد الدرس اعتماداً كلياً على إلقاء المعلم. وقد يستخدم بعض المحاضرين بعض الوسائل التعليمية كما أن المعلم قد يسمح بفجوة قليلة من النقاش مع المتعلمين،  وهذا النوع ينتهي بقول المعلم أي استفسار أو أي أسئلة، وهى أشهر طرق التدريس استخداماً في مدارس الدول على حد سواء.
والمحاضرة من أقدم طرق التدريس استخداما في التعليم إذ استخدمت منذ بداية الخليقة، وإن لم تستخدم بصورتها وضوابطها الحالية إلا بعد بداية المدارس النظامية، إلا أن التاريخ يدلنا أن التعليم ماقبل الإسلام كان يستخدم هذه الطريقة كما أن التعليم النبوي وما تبعه من أنماط التعليم الإسلامي الأولى كانت تعتمد بدرجة كبيرة على الخطابة في المسجد وهذا شكل من أشكال المحاضرة.
مزايا المحاضرة:
على الرغم من النقد اللاذع على المحاضرة كطريقة لتدريس العلوم، إلا أن لديها من الإمكانات والمزايا التي لاتتوفر لغيرها، ومن هذه المزايا:
1-    يتم إلقاء كمية كبيرة من المعلومات في وقت اقتصادي.
2-     تناسب المجموعات الكبيرة من الطلاب.
3-     تدرج وترابط فقرات المادة العلمية.
4-     قدرتها الفائقة على ضبط الفصل.
5-     اقتصادية في الأجهزة وفي عدد المعلمين.
مآخذ على المحاضرة:
بالرغم من أن المحاضرة أقدم طرائق التدريس وأشهرها وأكثرها استخدما، إلا أنها أكثرها انتقادا من قبل المربين نظرا لتهميشها لدور المتعلم ومشاركته في الدرس، ومن النقد الموجه لهذه الطريقة.
1-    دور المتعلم في المحاضرة سلبي.
2-     إغفال الجانب المهاري وفي الواقع هذا العيب في جميع الطرق اللفظية.
3-     تغفل مبدأ التعلم الذاتي وتجبر المتعلم على الحفظ والاستظهار.
ولكن يمكن تحسين هذه الطريقة لتزيد فعاليتها،
ومن وسائل تحسينها:
1-    أن يتحدث المتحدث بطريقة وبصوت مرتفع وأن يغير من نبرات صوته.
2-   أن لايسرع المتحدث في المحاضرة، ولا يسرد الحديث سردا. تقول عائشة رضى الله عنها: "ما كان رسول الله صلى الله علية وسلم يسرد سردكم هذا ولكنه كان يتكلم بكلام بينه فصل يحفظه من استمع إلي".
3-     استخدام المعينات كالشرائح والشفافيات والسبورة وغيرها.
4-     إعطاء بعض الأمثلة والتطبيقات.
5-     الترتيب المنطقي لخطوات الشرح.
6-     استخدام عامل التشويق في طرح المواضيع.
ثانياً- المناقشة
هي حوار شفوي بين المعلم والتلاميذ أو بين التلاميذ أنفسهم يتم من خلالها تقديم المادة العلمية أو الدرس وهناك عدم اتفاق بين المعلمين على مفهوم المناقشة حيث أن بعضهم يرى أن مجرد السؤال والإجابة مناقشة، والحقيقة أن المناقشة تعني فتح الاتصال بين المدرس والتلاميذ أو بين التلاميذ أنفسهم فيأخذ منهم ويعطيهم.
مزايا المناقشة:
تتميز المناقشة عن المحاضرة فيما يلي:
1- مشاركة الطلاب في المادة العلمية.
2- تؤدى إلى إعمال عقل المتعلم.
3- عدم شرود ذهن المتعلم.
4- تنمية الناحية الاجتماعية في المتعلم والقدرة على ابدأ الرأي.
عيوب المناقشة:
1-    تحتاج إلى قدرة كبيرة في ضبط الفصل.
2-     لاتتعمق في المادة العلمية.
3-     تهمل المهارات كغيرها من الطرق اللفظية.
و من وسائل تحسينها:
1-    القدرة على ضبط الحوار وعدم الخروج عن موضوع الدرس.
2-     التخطيط الجيد للمناقشة، وللأسئلة التي سيتم طرحها أثناء المناقشة .
3-    دعمها بالوسائل التعليمية.
4-     بدء المناقشة ببداية شيقة تجذب انتباه المتعلمين للمناقشة وتحفزهم على المشاركة فيها.
5-     مشاركة جميع المتعلمين في المناقشة.
6-     أن يكون التلميذ هو محور المناقشة، ويكون دور المعلم قيادة وتوجيه النقاش فحسب.
ثالثا: القصص العلمية
وهي عبارة عن رواية علمية أو حكاية نثرية تصور أحداثا واقعية أو خيالية لمواقع أو أشخاص أو أحداث رتبت وتعرض بطريقة جذابة ومشوقة لتحقيق أهداف الدرس. ولها عدد من المحاور أو المكونات، وهي:
1-    الأشخاص مثل باستير و اينشتاين.
2-     الأحداث التي تمر في القصة.
3-   الحوار المتكون بين الأشخاص مثل الحوار الذي دار بين أبي بكر الرازي والخليفة العباسي (المعتضد) حول تحديد مكان مستشفى بغداد أو الحوار الذي دار بين جاليليو وقاضي الكنيسة وقصص كوري وزوجها واليورانيوم.
 4- الزمان، إذ لابد أن يتخلل القصة الزمان الذي حدثت فيه.
وقد نظر القرآن الكريم إلى حب النفس البشرية للقصص ففطر الإنسان لحب سرد القصص وعلق قلوب المتعلمين بمتابعة القصة، ولذلك فهي يمكن أن تكون طريقة تدريس ناجحة في تقديم دروس العلوم اليومية إن أحسن استثمارها واستغلالها. وهناك نوعين من القصص واقعية وخيالية.
شروط القصة العلمية:
1-    أن تعرض بطريقة شيقة وأن لاتعرض بطريقة التلاوة.
2-     أن تكون مناسبة لسن المتعلمين.
3-     تشويق المتعلمين للقصة قبل سردها.
4-     أن يتخلل القصة عنصر المفاجأة بين كل فترة وأخرى.
5-      أن تدعو إلى الفضيلة وتنبذ الرذيلة.
6-     تغير الصوت ويجب أن يكون الصوت مميزاً.
7-     تماسك القصة العلمية وترابطها وتسلسلها.
8-     أن تكون القصة جديدة على الطلاب.
9-    أن لا يعجل المعلم في سرد القصة وأن ينتظر الانتباه.
10-          أن يكتب المعلم عناوين فرعية عبارة عن تلخيص للقصة على السبورة.
11-          هناك من يشترط أن تكون القصة واقعية ولكن إن لم تكن كذلك فيجب أن لايكون فيها كذب.

مزايا القصة العلمية:
1-    تجذب انتباه المتعلمين للدرس، بل إنها يمكن أن نحول حصص العلوم إلى غاية في التشويق إن أحسن المعلم عرضها.
2-     تبعد المتعلمين عن جو التلقين الممل وتستبدله بمتعة تعليمية.
3-     تناسب طبيعة النفس البشرية المجبولة على حب القصص والروايات.
ولكن هناك بعض المآخذ على هذه الطريقة، ومنها:
1-    قد لا يحسن المعلم استخدامها فتحول الدرس إلى جو من المرح والضحك.
2-     هناك من يستخدم القصص الخيالية الكاذبة ويبني في التلميذ التهاون في الكذب.
3-     تهمل المهارات.
العروض العلمية
   وهي كل ما يستخدمه المعلم من تجارب ووسائل ونماذج وغيرها في تدريس العلوم ويقوم بعرضها على المتعلم، ويقع الدور الرئيس في العرض على المعلم، وقد يشاركه بعض المتعلمين. أما دور المتعلم فهو المشاهدة والاستنتاج وربط النتائج بالشرح النظري. والعروض العلمية لاتكسب المتعلمين الخبرات العملية، ولكنها تكسبهم معلومات عن الخبرات.
و تستخدم العروض العلمية كثيراً في تدريس العلوم خصوصا عند عدم توفر الأجهزة والأدوات لكل تلميذ على حده أو عندما يكون هناك خطورة من تناول التلاميذ للأجهزة أو عندما يكون الدرس سهلا ولا يحتاج إلى خبرة مباشرة..
 مزايا العروض العلمية:
تتميز العروض العلمية ببعض المزايا التي تجعلها طريقة فاعلة في تدريس العلوم، ومن هذه المزايا:
1-    بالرغم من الجانب اللفظي فيها، إلا أنها تتيح الفرصة للمتعلم بالقرب من المهارات، وذلك عن طريق المشاهدة.
2-     تؤدي المشاهدة دورا أكبر من مجرد الاستماع، إذ في ذلك إشراك لحاستي السمع والبصر.
3-     اقتصادية حيث يكفى جهاز واحد أو شريحة واحدة لمجموعة كبيرة من المتعلمين.
4-     اقتصادية في الوقت مقارنة بالطريقة العملية.
5-     تشد انتباه التلاميذ للدرس.
6-     تساعد المعلم على ضبط الفصل.
وسائل تحسين العروض العلمية:
يمكن تحسن طريقة العروض من خلال:
1-    الاستعداد المسبق للعرض و ذلك بتجهيز العرض وإعداده قبل الدرس.
2-     ترتيب أدوات العرض قبل الدرس.
3-   أن لايظهر المعلم أمامه إلا أدوات العرض وأن لايخرج أمام المتعلمين على طاولة العرض إلا مايريد منها لكي لايصرف انتباه التلاميذ لغير العرض.
4-     أن يسير العرض خطوه خطوة وأن يتخلل العرض حوار وطرح لبعض الأسئلة.
5-     أن لايقتصر الاشتراك في العرض على تلاميذ معينين، بل يراوح المعلم بين التلاميذ في كل حصة.
6-   إذا كان هناك أهداف مهارية يجب أن توجه للتلاميذ لاكتسابها وليس للمعلم، بمعنى أن جميع التلاميذ يجب أن يكتسبوا هذه المهارة أثناء العرض.
7-  جعل التجربة مثيرة ليست على وتيرة واحدة تجلب الملل، وذلك من خلال طريقة العرض وتغيير نبرات الصوت وتعبيرات الوجه واستخدام الطرفة الهادفة بين الحين والآخر واستخدام الأسئلة التعجيزية خلال العرض والسؤال عن توقعات التلاميذ لما سيحدث.
الطريقة العملية
وتسمى الطريقة الاستقصائية أو طريقة حل المشكلات، كما تسمى الطريقة الاستكشافية تبعا للأسلوب الذي تقدم به هذه الطريقة. وهي  التي تضع المتعلم موقف الباحث الأول الذي اكتشف مبدأً علمياً أو آلة أو جهازا أو قوانين علمية. و تركز الطريقة العملية على البحث والاستقصاء وحصول المتعلم بنفسه على المهارات و المعلومات، فهي إذن تقوم على عمليات العلم لا على العلم ذاته. وفي هذه الطريقة يكون المتعلم محورا للعملية التعليمية بينما يكون دور المعلم التوجيه والإرشاد والمراقبة من بعد.
وتهدف هذه الطريقة في الأساس لإكساب المتعلم المهارات العلمية استنادا إلى أن أحد أهم أهداف تدريس العلوم تنمية الجانب المهاري لدى المتعلم. وتختلف هذه الطريقة عن ماسبق من طرق في تهيئتها الفرصة للمتعلم ليتعلم بنفسه عبر جهوده الذاتية واكتشافه المعلومات بنفسه. وهناك نوعان من الاكتشاف:
1- الاكتشاف الموجه.
2- الاكتشاف الحر.
الاكتشاف الموجه:
 وهو تقديم خطوات البحث للمتعلم لإجراء عملية البحث والحصول على المعرفة. ويتضمن ذلك إعطاء التوجيهات التي تساعد المتعلم في السير في خطوات الاكتشاف، ويلعب التوجيه فيه دورا كبيرا، وللمتعلم نصيب قليل من التصرف في إجراءات البحث، ولذلك سمي اكتشافا موجها.
ويهدف الاستقصاء الموجه إلى إكساب المتعلم مهارات بحثية في أقل وقت ممكن ذلك أن الخطوات التوجيهية تضمن عدم خروج المتعلم عن المهارات المحددة وعن أهداف الدرس.
وعادة ماتقدم للمتعلم خطوات البحث قبل البدء في التجربة مرتبة بطريقة تسهل عليه فهمها والسير خطوة خطوة حتى الحصول على النتائج، وفي كل مرة يقدم للمتعلم خطوات تتناسب مع نوع التجربة أو البحث وأهداف الدرس.
الاكتشاف الحر:
وفي هذه الطريقة يترك للمتعلم حرية واسعة في التخطيط للتجربة والسير في خطواتها كما يريد، ويكون للمتعلم في هذه الحالة دور أكبر في عملية التعلم  بينما يقل دور المعلم إذ يقتصر دوره على إعطاء توجيهات عامة والتأكد من صحة سير المتعلم في خطوات الدرس. والفرق بين هذه الطريقة وسابقتها هو دور كل من المعلم والمتعلم إذ تقل مسئولية المعلم وتزيد مسئولية المتعلم هنا.
وهذه الطريقة تحقق مبدأ التعلم الذاتي المعتمد على سير المتعلم في التعلم عبر الخطى الذاتية، ويكون للمتعلم نصيب كبير من الدرس.
مزايا الطريقة العملية:
للطريقة العملية مزايا كثيرة تميزها عن ماسبق من طرق تدريس العلوم، ومن هذه المزايا:
1-  تناسب هذا العصر، عصر التراكم المعرفي الذي أصبح فيه المعلم عاجزا عن تقديم كل المعلومات للمتعلم، وزيادة المعرفة العلمية التي بدأت تتضاعف كل بضع سنوات بعد أن كانت تتضاعف كل قرن، فالحل إذن نقل مسئولية التعلم من المعلم إلى المتعلم.
2-      ترتكز على المهارات التي هي من أهم  أهداف تدريس العلوم.
3-     تنمية الثقة في النفس لدى المتعلم.
4-     تنمى قدرات الطلاب على الحصول على المعلومات و على التفكير.
5-     تناسب تخصص العلوم حيث أن العلوم قامت على البحث والاستقصاء.
6-     المشاركة الفعلية للمتعلم.
7-  يؤدي هذا النوع من التعلم إلى إطالة أمد التعلم في ذاكرة التلميذ، إذ أن المعلومات التي يحصل عليها المتعلم ذاتيا أبقى في ذهنه وأكبر أثرا مما يحصل عليه من خلال التلقي.
عيوب الطريقة العملية:
بالرغم من ماتمثله هذه الطريقة من نقلة جيدة لتعليم العلوم، إلا أن هناك من يأخذ عليها بعض الملحوظات، ومنها:
1-  تحتاج إلى وقت طويل. فربما يأخذ المتعلم وقتا طويلا للحصول على معلومة كان يمكن تقديمها له في معشار ذلك الوقت أو أقل بالطرق اللفظية.
2-   مكلفة، خصوصا في وقت تشتكي فيه الكثير من وزارات التعليم من شح الإمكانات وزيادة أفواج المتعلمين حتى وصل الأمر إلى عدم وجود مبان كافية لاستيعاب المتعلمين.
وهذه الملحوظات لاتقلل من أهمية هذه الطريقة وأثرها الفاعل في تدريس العلوم، فالتكلفة ليست مبررا أو عيبا تعليميا لأن التعليم الزهيد مكلف إذا نظرنا أثره على المدى الطويل، كما أن التعليم المكلف زهيد الثمن إذا كان في موقعه الصحيح نظرا لما يحدثه التعليم الجيد من أثر على الأمة.
المعمل ودوره في تعليم العلوم
العلم نوعان: علم النقل الذي أنزله الله سبحانه و تعالى على رسله بالوحي، وعلم يتناول مخلوقات الله في الكون التي تقع تحت حس الإنسان و مدركاته وهو علم الأشياء أو العلم الكوني أو علم المحسوسات، و يبدأ هذا النوع من العلم بإعمال العقل.. بالمشاهدة و الملاحظة الهادفة الدقيقة لما يحدث حوله. ثم تكتشف الحقائق و تتكون المفاهيم و تتشابه و يعمد الإنسان إلى تصنيفها، وهذا يقتضي مقارنة بعضها ببعض.
و يتحسس الإنسان من خلال ملاحظاته و تصنيفاته انتظامات عجيبة في مخلوقات الله تنم عن قدرة الخالق جل جلاله، فيهتم بالتعرف عليها و دراستها عن قرب، فيضع الفرضيات و يحاول اختبار صحتها. و هنا يأتي دور التعامل الكمي مع الأشياء و دور التجريب.
و القياس و الأرقام أرقى المعارف الإنسانية نموا و ضبطا بعد القرآن و السنة. و من هنا جاءت الحاجة إلى مختبرات و معامل العلوم للبحث عن التشابهات الدقيقة والنظم العجيبة في مخلوقات الله وهي التي نطلق عليها القوانين.
و مع تطور تدريس العلوم أصبح للمختبر وظيفتان رئيستان:
1- التحقق من معارف سابقة؛
2- اكتشاف معارف جديدة.
و توثقت الصلة بين المحتوى المعرفي و الطريقة أو العمليات المعرفية، من أجل ذلك نادى المربون بضرورة الربط القوي بين المحتوى و الطريقة في تدريس العلوم. و تدريس الطريقة يعني الحاجة إلى المختبر و إلى التجريب في تدريس العلوم.
و يمكن القول بأن معمل العلوم هو ذلك الجزء من المدرسة المخصص لإجراء التجارب والعروض العلمية، و التحقق من صحة القوانين و الفرضيات النظرية عمليا.
أهداف معمل العلوم:
يمكن إجمال أهداف معمل العلوم فيما يلي:
1-    وصل المعرفة بالاعتقاد الشرعي الصحيح؛
2-    تحقيق العديد من أهداف تدريس العلوم (إكساب المهارات، فهم أعمق، تمثيل الواقع، تدريس المحسوس….)؛
3-      تحقيق وسائل السلامة و الأمان؛
4-     تدريس المواضيع الصعبة و الغامضة؛
5-     تنمية التفكير المنطقي (Critical Thinking) للمتعلم؛
6-     تنمية القدرة على الملاحظة (Observing) المضبوطة أو الموجهة؛
7-     زيادة التفهم لأعمال العلماء و دور المختبر و التجريب في الاختراع و الصناعة؛
8-     زيادة اتجاهات التلاميذ نحو المختبر و العلوم عموما.
شروط و مواصفات المعمل الصحية:
لمعامل العلوم شروط ومواصفات خاصة ضرورية للحفاظ على سلامة المتعلمين الذين عادة مايجتمعون بأعداد كبيرة داخل المعمل، وأهم هذه الشروط:
1-    تجهيز كامل؛
2-      كاف لأعداد المتعلمين؛
3-     توفر وسائل السلامة؛
4-     وجود محضر معمل متخصص؛
5-     توفر الأدوات الضرورية.
واقع معامل العلوم:
يختلف واقع معامل العلوم في المدارس عن المثاليات المذكورة آنفا، و ينبغي التعامل مع الواقع كما هو أو محاولة تحسينه. والواقع يرينا ثلاثة أنواع من المدارس:
1-مدارس نموذجية:
وفي الغالب تحوي معامل مجهزة تجهيزا جيدا وفيها مواصفات صحية وسلامة كافية، إلا أنه ينقصها الأدوات والأجهزة الخاصة بالتجارب اليومية، ويمكن لمعلم العلوم –كحل لهذه المشكلة- أن يستفيد من صناعة أجهزة من خامات البيئة بالتعاون مع المتعلمين.
2- مدارس مستأجرة فيها معمل:
ويكون هذا المعمل عادة صغير ولايتوفر به الاحتياطات الأمنية والصحية، إلا أنه يؤدي الكثير من أغراض المعمل التعليمية، وهذه المعامل لا تختلف كثيرا عن سابقتها من حيث التجهيز و ماينبغي عمله، و ينبغي الاهتمام بتنظيم التلاميذ لصغر المعمل.
3- مدارس مستأجرة لا يوجد فيها معمل:
وبالرغم من الجهود لتوفير معامل العلوم في كل مدرسة، إلا أن هناك مدارس في مناطق نائية وقرى بعيدة ومباني صغيرة مكتظة بالتلاميذ ولا يتوفر فيها معمل للعلوم، وفي هذه الحالة يحاول معلم العلوم إنشاء معمل بالتعاون مع إدارة المدرسة، أو إحضار بعض العروض إلى الفصل مع ملاحظة شروط السلامة والأمان، أو حمل معمل مصغر.
دور المعلم في المعمل:
لمعلم العلوم أدوار عليه أن يقوم بها في المعمل وذلك قبل الدرس وأثناءه وبعده، وهي:
دوره قبل الدرس:
1-    الإعداد و التنسيق مع محضر المعمل و الزملاء (معلمي العلوم) في المدرسة.
2-     التأكد من توفر الأدوات اللازمة.
3-     التأكد من سلامة المعمل و خلوه من المواد الخطرة أو السامة قبل دخول التلاميذ.
4-      إجراء التجارب بنفسه قبل الدرس.
دوره أثناء الدرس:
1-    التركيز على سلامة المعلم و الطلاب.
2-     مراقبة جميع الطلاب.
3-   توزيع التلاميذ توزيعا مناسبا، و إذا كان صوت المعلم لا يسمع بسبب ارتفاع سقف المعمل فيجب تجميع التلاميذ قريبا من المعلم والعرض، أما في حالة التجارب المنفردة فيمر المعلم كثيرا على جميع الطلاب.
4-     التأكد من أن جميع الطلاب يشاهدون العرض.
5-     التأكد من عدم خطورة مايعمله المعلم للطلاب.
دوره بعد الانتهاء من الدرس:
1-    التأكد من انتهاء جميع الطلاب من العمل المطلوب (تحقق أهداف الدرس).
2-     التأكد من فهم الطلاب.
3-     تقويم التجربة أو العرض.
4-     ترك المعمل نظيفا لائقا لزميله و إرجاع جميع الأدوات إلى مكانها.
وسائل السلامة و الأمان في مختبرات العلوم:
بالرغم من دور معمل العلوم في تعلمها إلا أنها لاتكون نافعة دون أن يراعي معلم العلوم الوسائل التي تضمن سلامة المتعلمين والمعلم نفسه والمعمل، ومن هذه الوسائل:
1-    التأكد من مناسبة المكان لعدد المتعلمين.
2-     التأكيد على الطلاب بعدم لمس أي جهاز أو تيار إلا بعد استشارة المعلم.
3-     التأكد من عدم وجود أنابيب غاز في أو مواد مشتعلة في المعمل.
4-     عدم وضع الكحول مع اللهب.
5-     عدم شم أو تذوق بعض المواد الكيميائية الصلبة.
6-   الحرص التام عند استخدام الأحماض عموما ومن أخطرها حامض الكبريتيك المركز، و عند تخفيف الأحماض تخفف قطرة تلو قطرة على جدار الأنبوبة التي بها ماء و ليس العكس.
7-   يجب نقل القلويات و الأحماض عن طريق استخدام المخبار المدرج وليس الماصة تجنبا لدخولها إلى الفم و من ثم البلعوم فيحدث التصاقات في الغشاء المخاطي للبلعوم و احتراق أجزاء من الفم.
8-     استخدام الماسك دائما.
9-     عدم جعل فم الأنبوبة تجاه  الوجه، و خصوصا عند استخدام مواد كيميائية.
10-      يجب أن لايستخدم المعلم يده في نقل المواد كي لايقتدي به تلاميذه.
11-       عدم إشعال كمية كبيرة من الهيدروجين تجنبا لانفجاره وآثاره الحرارية.
12-     عدم لمس الصوديوم باليد.
13-     عدم لمس الزئبق باليد أو استنشاقه، لأنه سام جدا.
14-   عدم لمس المغنيسيوم لشدة حرارته، و عدم النظر إليه مباشرة.
15-     جعل اليد دائما جافة، وخصوصا عند إجراء تجارب الكهرباء.
16-    عدم استخدام الكواشف السامة مثل السيانيد و كلوريد الزئبقيك مع وجود جروح في اليد (التلاميذ أو المعلم)، حتى لا تصل هذه المواد إلى الجهاز الدوري في الإنسان فتسبب الوفاة فورا.
الإسعافات الأولية للحوادث:
في حالة وقوع حادث يجب أن يقوم المعلم بنفسه بالإسعافات الأولية، و يجب عليه أولا تجهيز صيدلية في المعمل تحوي مواد الإسعافات الأولية، و منها:
1- ضمادات مختلفة الأحجام و القطن و الأشرطة اللاصقة و غيرها.
2- مرهم للحروق.
3- بطانية ضد الحريق و تحفظ في مكان خاص خارج الصيدلية.
4- زجاجات محاليل: حمض خليك، حمض بوريك، محلول بيكربونات صوديوم مركز.
5-    جلسرين، مطهر، و غيرها.
وهناك بعض الحوادث يباشرها المعلم بنفسه، بينما يستدعي الطبيب في الحالات الخطيرة، ويمكن لمعلم العلوم اتباع مايلي:
الحروق يتم إسعافها بوضع مرهم على مكان الحرق.
الأحماض على الجلد: يغسل الجلد بكميات كبيرة من الماء، ثم بمحلول كربونات الصوديوم المركز ثم الماء.
القلويات على الجلد: يغسل الجلد بكميات كبيرة من الماء ثم بمحلول حمض خليك 1% ثم الماء.
 القطع على الجلد: إن كان خفيفا يترك ليدمي قليلا ثم يطهر الجرح بالديتول، و إن كان خطيرا يستدعى الطبيب    في الحال.
 حوادث العين: يستدعى فيها جميعا الطبيب في الحال.
 الحرائق: يمنع الشخص من الجري و يطرح أرضا و يلقى عليه بطانية بإحكام حتى ينتهي الحريق.
 المحاليل المشتعلة: تطفأ مصابيح الغاز و جميع الأجهزة الكهربائية.
  السموم: إذا كانت بالفم تخرج و يمضمض الفم فورا، و إن ابتلع السم في المعدة يستدعى الطبيب فورا.
  الغاز: يبعد المصاب بالاختناق خارج المعمل للهواء الطلق و يستنشق النشادر أو يغرغر بمحلول بيكربونات الصوديوم أو بشرب النعناع حتى تحمى الحنجرة و الرئة، أما إذا توقف التنفس فيعمل تنفس صناعي للمريض.
إرشادات عامة للمعمل:
1-  ينبغي توزيع تعليمات عامة حول أنظمة و قوانين استخدام المعمل على جميع التلاميذ في بداية السنة الدراسية و يحاول أن يناقشها كثيرا بعد كل فترة مع التلاميذ.
2-      يجب أن يكون درس العلوم دائما في معمل العلوم ما استطاع المعلم إلى ذلك سبيلا.
3-    يجب أن تتاح الفرص للتلاميذ جميعا لممارسة العمل و التجريب بأنفسهم، فقيام المعلم بالعمل بمفرده أو بمساعدة قلة من التلاميذ لايحقق الهدف المهم للمعمل؛ و يمكن –كحل للواقع- إشراك جزء من التلاميذ في كل حصة مع ملاحظة عدم التركيز على تلاميذ معينين، بل يختار المعلم في كل حصة من يشاركه بالتناوب.
4-    ينبغي على المعلم إبلاغ المدرسة كتابيا عن أي نقص أو قصور في وسائل السلامة في المعمل ويبلغ عن أي حادث أو موقف غير طبيعي يقع في المعمل ليخلي مسئوليته من ذلك.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق